الإصرار علي بقاء النيابة العامة عاجزة عن تحقيق العدالة..

الإصرار علي بقاء النيابة العامة عاجزة عن تحقيق العدالة..

إن التعامل السلبي من قبل المعنيين بشأن العدالة مع النيابة العامة منذ وقت مبكر ببقائها في حالة انكماش وتضيق الخناق عليها عكس التوسع الحاصل في المحاكم بوضع العوائق القانونية بشكل متعمد في قانون المعهد العالي للقضاء التي تمنع عدم اتخاذ اي خطوات من شانها رفع معاناة الناس وايصالها إلى حالة من الفشل بمعناه العام والخاص , بشكل مخالف لقانون السلطة القضائية الذي ينظم اوضاع القضاء بكافة هيئاته القضائية المختلفة, مع ان تلك العوائق حشرت بخبث في ذلك القانون وهي تتعارض وتتناقض مع الاهداف المنصوص عليها في ذلك القانون , وهذا خطاء قانوني ومع ذلك استمر العمل به , مما اوصلها إلى حالة من الشلل لعدم توفر العنصر البشري باعتبارهم المنفذين للقانون وفقا لنص المادة (5٣) من قانون السلطة القضائية وتعديلاته, ترتب علي ذلك الأمر إطالة أمد التقاضي وتأخر الفصل في القضايا بما في ذلك التي علي ذمتها سجناء و تكدس اعداد السجناء في السجون زيادة عن طاقتها الاستيعابية بسبب تأخر الفصل في قضاياهم وعدم قدرة الكادر الموجود حاليا علي الجمع بين عمل التحقيق في القضايا التي ترد إلى النيابة وحضورهم جلسات المحاكمات. وعلي إثر بروز نقص الكادر إلى السطح لجاء المعنيين حينها إلى المعالجات اللاحقة بالترقيع للتغلب علي المشكلة الموجودة باستعمال المسكنات الوقتيه بالاستفادة من مخرجات المعهد رغم اعتراضهم ورفضهم العمل في هذه المؤسسة القضائية, وتحولها إلى جسر عبور إلى المحاكم علي حساب مصالح الناس وزيادة معانتهم لعدم رغبة بعض هذه المخرجات بالعمل فيها وإعادة البعض منهم ۵۰% من القضايا المحالة اليهم دون اتخاذهم اي اجراء قانوني فيها , مما زاد الطين بله , بفوات المواعيد القانونية لتحريك الدعاوي الجزائية, ودون المحاسبة عن اي اخلال أو تجاوز لتوزيعهم علي المحاكم وبالتالي انتهاء مفعول تلك المسكنات. ولا شك أن الجهود المبذولة من قيادة النيابة العامة؛ النائب العام القاضي نبيل العزاني والقاضي عباس الجرافي المحامي العام الاول باتخاذهم العديد من الخطوات الهادفة لرفع وتيرة العمل كانت تصطدم مع نقص الكادر باعتبار الموجود في الميدان عددهم (150) عضو لا يمثل ١۰% من الاحتياج الفعلي وفقا للمعايير الدولية وهذا العدد لا يتناسب مع القضايا الواردة خلال العام ٢۰١٩م البالغة ٤٢۰۰۰ قضية تقريباً تم التصرف بـ۵۰ % حسب التقرير الاحصائي الصادر عن مكتب النائب العام, وعلي ضوء تلك الارقام التي تعد مؤشرات تساعد في ايجاد الحلول الواقعية للعدد الهائل من القضايا المتبقية والواردة والتصرف فيها أولاً بأول, فكان لابد من وضع اليد علي الجرح و تشخيص الداء ووصف الدواء وتقريره بإزالة العوائق القانونية بتعديل نص المادة (٤٦) من قانون المعهد العالي بما يتفق مع نص المادة (۵۷) ومن قانون السلطة القضائية وتعديلاته عبر مجلس النواب الذي وافق عليه بحسب طلب معالي وزير العدل الدكتور القاضي محمد الديلمي وصدر القرار الجمهوري بذلك. ومع حصول التعديلات القانونية الأخيرة الهادفة إلى اصلاح النيابة العامة من ادني السلم تماشيا مع الإصلاحات الرأسية, وكحل سريع وعاجل لتيسير اجراءات الحصول علي تحقيق العدالة بعيداً عن التطويل ونحوه , والتغلب علي العجز الحاصل بضرورة رفدها بألف عضو نيابة دفعة واحدة ولن يتحقق ذلك إلا بالاستفادة من العاملين بالسلك القضائي من الحاصلين علي المؤهلات الجامعية ليسانس شريعة وقانون وحقوق, وفي نفس الوقت تحسين وضع العاملين ممن صمدوا بالعمل اثناء استهداف العدوان الغاشم لشعبنا بالطائرات والصواريخ, وهم جاهزين للعمل القضائي من اليوم الثاني وبمرتباتهم مع إضافات بسيطة مع إحراء عصف ذهني للمعلومات القانونية خلال أيام معدودة. والحقيقة أنه لازال هناك من يسعي جاهداً لدس السم في العسل بوضع الشروط المتمثلة بحصر العدد المطلوب ب ٢۰۰ وكذلك تحديد السن للعاملين بالسلك القضائي بـ ٤۰ عام, والغرض من ذلك حرمانهم من الالتحاق بالعمل القضائي من جهة, ومن جهة اخري عدم احداث أي تغيير أو تطوير ملموس , حيث أن العلاج بالتقطير للعنصر البشري يستلهمه التناقص السنوي بخروج اعداد منهم عن الخدمة لأسباب عديده, بما يؤدي إلى إفشال هذه المؤسسة القضائية وجعلها عاجزة عن تحقيق العدالة, وإفراغ جهود النائب العام والمحامي العام الأول وقيادة مجلس القضاء الأعلى من محتواها. والكرة حالياً في ملعب مجلس القضاء ولازال في فسحة من الامر بإيجاد الحلول العاجلة والسريعه لتعزيز دور هذه الهيئة القضائية في محاربة الجريمة وتحريك قضايا العدوان وحل قضايا الناس وإنجازها حرصاً علي تماسك الجبهة الداخلية. ✍️نجيب الأمير